الثلاثاء، 9 ديسمبر 2008

الوثائق الرسمية التي تفضح الوهابية ... يتم اكتشافها بالصدفة!

السفير 30 حزيران 2001

كانت المصادفات موفقة ذلك اليوم ، فعندما عبرت رصيف " بوند ستريت " لمحت في لوحة إعلانات " سوذبي" إشارة إلى مزاد على خرائط قديمة فيها ما يعنيني من خرائط قديمة لمصر (أو تلك بالذات هوايتي الوحيدة في جمع الأشياء ).
في الإشارة التي لمحتها كانت هناك إضافة أخرى عن كتب قديمة ،وعن " مجموعات أوراق " من الشرق الأدنى .ولم أستطع أن أقاوم ، ودخلت .
كانت وقفتي الأطول في قاعة مجموعات الأوراق الخاصة ، فهناك وجدت مجموعتين :
الأولى تحت رقم 206 – تحتوي على 18 خطاباً بخط يد " جون فيلبي " المستشار الشهير للملك "عبد العزيز آل سعود" ، وكان في الأصل ضابطاً سياسياً تابعاً لحكومة الهند ُكلِّف بأن يكوِّن " مركز اتصال " بين حاكم الرياض و الحسا الوهابي : " عبد العزيز آل سعود " ( قبل أن يصبح أميراً ثم سلطانا ، ثم ملكاً ) – والخطابات الثمانية عشر لم تنشر من قبل – وكلها مكتوبة بخط اليد وموجهة إلى السير "بيرسي كوكس " وهو المقيم البريطاني العام في منطقة الخليج مكلفاً بهذه المسؤولية من حكومة الهند وكان مقره في " البصرة " "ثم في بغداد " بعد دخول قوات الجنرال "مود" إليها ضمن وقائع الحرب العالمية الأولى ( وفي ما بعد وحين أصبح " عبد العزيز " سلطاناً على "نجد" ثم على "الحجاز" ، ثم ملكا بتوحيد القطرين – ظهر "فيلبي" مستشاراً مقرباً من الملك "عبد العزيز" ونجما ظاهراً في بلاطه )

محمد حسنين هيكل

خطابات "فيلبي" الثمانية عشر إلى رئيسه السير " بيرسي كوكس" تساوي القراءة على وجه اليقين ، فهي لمحات كاشفة لجوانب من التاريخ العربي سياسية وإنسانية لها دلالاتها ، والسبب أن مهمة "فيلبي" الأساسية كانت " العمل على تصفية وجود الخلافة العثمانية في شبه الجزيرة العربية بما يمهد للعمل ضدها (ضد الخلافة) وهزيمتها في منطقة الشام ،باعتقاد أن ذلك مؤدٍ إلى سقوطها في عقر دارها" (وهو ما حدث فعلاً).
وكان تكليف "فيلبى" الأول هو توجيه "عبد العزيز آل سعود" لمهاجمة أمير "حايل " الموالي للأتراك حتى تنكشف القوة العثمانية في "نجد " ."
ثم العمل على "منع عبد العزيز آل سعود من مهاجمة الهاشميين (الشريف حسين وأبناؤه ) " في" مكة " ، لأن هؤلاء الهاشميين الحلفاء لبريطانيا سوف يقودون ثورة العرب ضد الأتراك . معتمدين على ولاءات وتحالفات وصداقات لهم في الشام تحمل الثورة ضد الخلافة إلى قرب معقلها الداخلي في تركيا "
يضيف " فيلبي " بالنص :
" طبقاً للقرآن فلا ينبغي أن يكون هناك قتال بين أخيار المسلمين – أي الوهابيين ( هكذا يقول "فيلبي" ) – وبين المسيحيين لأنهم من أهل كتاب ، والتسامح معهم توجيه من الله . أما قتال المسلمين الأخيار وجهادهم فلا يكون إلا مع المشركين والكفار ، وأول الكفار والمشركين هم الأتراك العثمانيون – وأيضا الأشراف الهاشميون – وباختصار كل "المحمديين فيما عدا الوهابيين "!"

سير بيرسي زكريا (زخريا) كوكس

ويضيف " فيلبي " عبارة لها رنين ( ما تزال أصداؤه سارية حتى الآن ):
"ليس من شأننا تصحيح الخطأ في هذا الموضوع ، بل على العكس علينا تعميق كراهية "ابن سعود" لكل المسلمين من غير الوهابيين ، فكلما زادت هذه الكراهية للجميع كان ذلك متوافقاً أكثر مع مصالحنا !" .
توقفت قرابة نصف ساعة أقرأ الخطاب الأول لأنه تقرير وافٍ كتبه "فيلبي" بعد إقامة طالت ثلاثة شهور في معسكر حاكم الرياض والحسا .
الخطاب في 32 صفحة – بتاريخ 2يونيو 1918 – من "وادي الدواسر " – مكتوب بالقلم الرصاص ، وأول سطر فيه اعتذار عن "أنني كتبت بالقلم الرصاص لأني لم أجد غيره في بلاد لم تصل إليها بعد أدوات المدنية الحديثة" ثم يستطرد "فيلبي" إلى وصف تفصيلي لرحلته إلى معسكر"ابن سعود" ، والمشاكل التي لاقاها في طريقه ، والمخاطر التي كادت تودى به ، وضمنها صراعات القبائل والمشايخ . ثم يصل إلى القول :
"ابن سعود رجل يحتاج إلى صداقة بريطانيا وتتأيدها حتى يستطيع أن يساعد أهدافها ومطالبها ، مع العلم بأن أول ما يحتاج إليه هو السلاح والمال . والحقيقة أن المال له عنده اعتبار كبير لإيمانه بأن حصوله عليه وعطاياه منه لأنصاره هو المبرر لسياسته أمام هؤلاء الأنصار حتى يقبلوا العمل مع الأجانب ( الإنكليز) ضد المسلمين (دولة الخلافة ) . وهذه المسألة حساسة جداً " .
ويستطرد "فيلبي" :
" قدمت لابن سعود مبلغ الخمسة وعشرين ألف جنيه ذهباً التي حملتها معي بتكليف منكم ( السير " بيرسي كوكس " ) ، وأفهمته أنها دفعة مقدمة لتمويل حملته ضد "حايل " طلب ابن سعود وألح للحصول على "زيادة " لأن مصاريفه كثيرة والكل يطلب " الذهب " ! .
_________________________________________

على هامش الموضوع:

من هو بيرسي كوكس

جنرال بريطاني ساهم في رسم السياسة البريطانية في الوطن العربي بعد انهيار الدولة العثمانية، حيث شارك قوات الثورة العربية الكبرى في محاربة القوات العثمانية. عمل بمنصب المقيم السياسي البريطاني في الخليج العربي وكان له علاقة مع شيوخ دول الخليج وربتطته ببعض القبائل علاقات ودية.

بيرسي زخريا كوكس, ولد في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 18634 في هيرون بيت في منطقة إكسيس البريطانية، وهو لأبوين يهوديين.

تخرج من الكلية الملكية البريطانية العسكرية في ساند هيرست , وعين مباشرة بعد تخرجه في الهند في العام 1884 وحتى عام 1890 مع الحامية البريطانية هناك. ثم حول في نهاية خدمته العسكرية إلى الخدمة السياسية في الهند أيضا.

انقل للعمل في منطقة الخليج العربي وإيران في العام 1893 واستمر في العمل في المنطقة حتى العام 1903، تقلد خلالها عدة مناصب ، وفي العام 1911 منح لقب سير كأفضل سياسي في المنطقة وكان ذلك بسبب خدماته أثناء الحرب العالمية الأولى .

علاقته مع آل سعود

كان كابتن المخابرات البريطاني وليم شكسبير أول من قدم عبد العزيز بن سعود لكوكس كان شكسبير نائبا لكوكس في منطقة الخليج حيث كان يشغل كوكس وقتها منصب المقيم السياسي في بوشهر منذ العام 1904 وأرسل لاستطلاع قوى ابن سعود ولكنه قتل في معركة جراب يوم 25 كانون الثاني/يناير 1915 حين كان يقود المدفعية السعودية في المعركة.

وقد وصف شكسبير ابن سعود في رسالة ارسلها لكوكس قال فيها «إن هذا الرجل - ابن سعود - هو زعيم من أروع طراز عربي وله في شخصيته ما يدفع إلى التفكير بأنه سيستقل بقيادة الجزيرة العربية إذا توصل إلى فرض الوحدة على قبائلها, وهو احتمال وارد جدا كما يبدو لي في المستقبل القريب».

كان هدف بريطانيا من الاتفاق مع ابن سعود هو تأييد قتاله للأتراك وحلفائهم آل الرشيد مما يخفف الضغط على قواتهم المهاجمة للعراق, وإلهاء للسعوديين عن متابعة التوسع في الخليج حيث المعاهدات البريطانية المعقودة مع حكامها, وكذلك إضعاف قوات الحسين بقتالهم مع ابن سعود, وشل قبائل المنتفق التي تهدد القوات البريطانية أثناء تقدمها لاحتلال العراق.

ظل شكسبير يحث كوكس على عقد الاتفاقية مع ابن سعود, لأن موقف ابن سعود غير المحدد من البريطانيين يسبب إحراجا لهم. وتم عقد اتفاقية في كانون الثاني/يناير 1915 بعد أن بدأت المباحثات في أواخر عام 1914 وكان يمثل البريطانيين فيها آرثر باريت المقيم البريطاني في الخليج.

بعد مقتل شكسبير استلم بيرسي كوكس مهامه في الكويت في تشرين الثاني/نوفمبر 1916. وبذلك أصبح كوكس أهم شخصية بريطانية في الخليج. واستطاع كوكس عقد معاهدة دارين في 26 كانون الأول/ديسمبر 1915 حيث قابل ابن سعود وكان بمعيته جون فيلبي.

تتابعت العلاقات بين كوكس وابن سعود حتى جاء وقت توقيع اتفاقية العقير(*) التي تمت في ميناء العقير في 2 كانون الأول/ديسمبر 1922 حيث كان بيرسي كوكس النجم البريطاني اللامع والصوت الأعلى ففرض حدود نجد مع الكويت محدثا منطقة محايدة بين السعودية والكويت لا تزال حتى يومنا هذا، وعين الحدود بين نجد والعراق محدثا منطقة محايدة أخرى ماتزال هي الأخرى حتى الآن. ووزع قبائل العرب بين من يتبع نجد أو يتبع العراق أو من يستقل منفردا.

عمل وزيرا مفوضا في إيران في الفترة من 1918 إلى 1920, وكان مسؤولا عن الاحتلال البريطاني للعراق. وكان هذا سببا في نقله من منصبه الأخير ليعمل مندوبا سام في العراق.
_______________________________________
(*) معاهدة العقير

بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى ، وقعت بريطانيا اتفاقية عام 1915 مع عبد العزيز بن سعود اعترفت فيها بابن سعود حاكما مستقلا على نجد والإحساء والقطيف وضمنت حق وراثة أبنائه للحكم من بعده، وتعهد بن سعود من جانبه بألا يتدخل في شئون الكويت والبحرين وقطر وشئون الحكام المتصالحين مع بريطانيا.

ورسمت الحدود بين نجد والكويت في المعاهدة الأنجلو- عثمانية عام 1913، التي وضعت نهاية لأربعين عاما من الصراع بين بريطانيا والدولة العثمانية في منطقة الخليج العربي. وفى هذه المعاهدة، تخلى الأتراك عن مطالبهم في البحرين وقطر، وحصلت الكويت على استقلال ذاتي في نطاق الدولة العثمانية.

ونصت المعاهدة على أن الخط الأزرق الموضح على خريطة الاتفاقية هو حد إقليم نجد العثماني، ويبدأ هذا الخط عند نقطة ما على ساحل الإحساء جنوبي القصير، ورسمت حدود الكويت على شكل شبه دائرة تتوسطها مدينة الكويت وخور الزبير في الشمال والقرين في الجنوب، وقد حال اندلاع الحرب العالمية الأولى دون التوقيع على المعاهدة وتنفيذها.

خلال هذه الحقبة طالب الشيخ سالم الصباح أمير الكويت بأن تنتهي حدود إمارته الجنوبية عند نقطة تبعد عن قلب الإمارة بنحو 150 ميلا، ومن هذه النقطة يرسم خط مستقيم نحو الشرق بمحاذاة ساحل الخليج الغربي حتى واحة البلبول.

وشهدت العلاقة بين آل الصباح وآل سعود توترا بسبب النزاع على الحدود ما دفع المعتمد البريطاني في المنطقة بيرسي كوكس للتدخل في إنهاء ذلك الخلاف.

أدى التدخل البريطاني إلى عقد مؤتمر القصير لتسوية مسائل الحدود بين نجد وكل من الكويت والعراق ، وأسفر المؤتمر فيما يخص الكويت عن توقيع اتفاقية العقير في 2 كانون الأول/ديسمبر 1922 التي نصت على إقامة منطقة محايدة مساحتها ألفا ميل مربع يتم استغلالها بالتساوى بين نجد والكويت إلى حين التوصل لاتفاق نهائى لرسم الحدود الجنوبية للكويت مع الإحساء، ولم تحدد الاتفاقية كيفية إدارة المنطقة المحايدة، وممارسة السيادة عليها.

عادت مشكلة الحدود بين السعودية والكويت تبرز على قائمة اهتمامات البلدين مرة أخرى عامي 1957 و1958 عندما منحت حكومتا البلدين امتيازات لشركات البترول للتنقيب عن البترول في المنطقة المحايدة التي ابتدعتها اتفاقية العقير.

فتقدمت السعودية باقتراح تشكيل مجلس إداري من أربعة أشخاص يمثلون البلدين بالتساوي للإشراف على إدارة المنطقة المحايدة، ورفضت الكويت الاقتراح السعودي وطالبت بتقسيم المنطقة المحايدة إلى جزئين يتولى كل جانب إدارة الجزء الذي يخصه، وتوصل الجانبان إلى اتفاقية في تموز/يوليو 1965 لتنظيم وضع المنطقة المحايدة.


نصت المعاهدة على تقسيم المنطقة المحايدة إلى جزءين متساويين يمارس كل طرف سيادته الكاملة على الجزء الذي يخصه ، في نفس الوقت الذي يمارسان فيه السيادة المشتركة فيما يتعلق باستغلال الموارد الطبيعية في المنطقة المحايدة، وتنسحب نفس الحقوق على استغلال البحر الإقليمي الملاصق، ولا زالت سارية حتى الآن.

غير أن اتفاقية 1965 لم تضع تسوية لجزيرتي أم المراديم وكارو اللتين تطالب الكويت بضمهما إلى سيادتها، بينما تطالب السعودية بممارسة السيادة المشتركة مع الكويت عليهما، ولم يتم التوصل حتى الآن إلى اتفاق بشأن الجزيرتين.
_______________________________________

بروتوكولات العقير هي معاهدة حدودية وقعت في العقير في 2 ديسمبر عام 1922 بين سلطنة نجد بحضور سلطان نجد عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود وصبيح بك وزير الموصلات والأشغال ممثلا عن مملكة العراق و جون مور الوكيل السياسي البريطاني في الكويت ممثلا إمارة الكويت بموجب المعاهدة تم ترسيم حدود سلطنة نجد الشمالية مع مملكة العراق و الكويت

(*) مؤتمر العقير

تم عقد مؤتمر في العقير للنقاش حول المعاهدة وقد حضر السير بيرسي كوكس في 21 نوفمبر إلى العقير يصحبه الميجور مور الوكيل السياسي البريطاني في الكويت ممثلا عن الشيخ أحمد الجابر الصباح وحضور وزير المواصلات والأشغال العراقي صبيح بك ممثلا عن العراق وألتقوا مع عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود بالعقير.

أستمرات المباحثات طوال خمسة أيام طالب خلالها العراق بإنه لن يقبل حدودا تقل عن 200 ميل جنوب الفرات بينما أراد عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود أن يتم تحديد الحدود عن طريق الحدود القبلية لا ترسيم عن طريق الخرائط.
فقد بيرسي كوكس صبره في اليوم السادس من أعمال المؤتمر فإجتمع مع ابن سعود ووضع خريطة ورسم بالخط الأحمر الحدود وأقتطع من الكويت ثلثي أراضيها وضمها للسعودية بحجة إن نفوذ آل صباح في الصحراء أقل بكثير حاليا مما كان عليه زمن مبارك الصباح.
وصمد خط الحدود الذي رسمه بيرسي كوكس أمام الأعتراضات ولازل قائما إلى اليوم وأنتهى المؤتمر بالتوقيع على إتفاقية العقير .

هناك 3 تعليقات:

Unknown يقول...

الحمدلله على النعمة التي اسداها لنا ال سعود الله يرحم موتاهم ويوفق احياهم

عبدلله ابن عبدلله يقول...

يا قومي أنقذوا أنفسكم من النار ...ان عذاب الله قادم

https://yqanmr.blogspot.rs

عبدلله ابن عبدلله يقول...

يا قومي أنقذوا أنفسكم من النار ...ان عذاب الله قادم

https://yqanmr.blogspot.rs